من حسن اسلام المرء تركه مالايعنيه

بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابي هريرة رضى الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه ) راواه الترميذى وغيره
الشرح
اسلام المرء هو استسلامه لله عز وجل ظاهرا وباطنا فاما باطنا فاستسلام العبد لربه باصلاح عقيدته واصلاح قلبه وذلك بان يكون مؤمنا بكل ما يجب الايمان به على ما سبق فى حديث جبريل واما الاستسلام ظاهرا فهو اصلاح عمله الظاهر كاقواله بلسانه وافعاله بجوارحه والناس يختلفون فى الاسلام اختلافا ظاهرا كثيرا كما ان الناس يختلفون فى اشكالهم وصورهم منهم الطويل ومنهم القصير ومنهم الضخم ومنهم من هم دون ذلك ومنهم القبيح ومنهم الجميل فيختلفون اختلافا ظاهرا.
فكذلك يختلفون فى اسلامهم لله عز وجل حتى قال الله في كتابه ( لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى) {الحديد : 10}
واذا كان الناس يختلفون في الاسلام فان مما يزيد فى حسن اسلام المرء ان يدع ما لا يعنيه او يهمه لا فى دينه ولا في دنياه ، فالانسان المسلم اذا اراد ان يجعل اسلامه حسنا فليدع ما لا يعنيه .
فمثلا : اذا كان هناك عمل وتردد هل تفعل او لا تفعل ، انظر هل هو من الامور الهامه فى دينك ودنياكِ فافعليه والا فاتركيه ، السلامة اسلم.
كذلك ايضا ما تتدخل في امور الناس اذا كان هذا لا يهمك ، وهذا خلاف ما يفعله بعض الناس اليوم من حرصه على اطلاعه على اعراض الناس واحوالهم ويجد اثنين يتكلمان فيحاول ان يقترب منهماحتى يسمع ما يقولان ويجد شخصا جاء من جهة من الجهات فتراه يبعث وربما يبادر الشخص نفسه ويقول له : من اين جئت ، وماذا قال لك فلان وماذا قلت له ، وما اشبهه فى امور لا تعنيه ولا تهمه .
فالامور التى لا تعنيك اتركها فان من حسن اسلامك وهو ايضا فيه راحة للانسان .
فكون الانسان لا يهمه الا نفسه هذا هو الراحة اما الذى يتتبع احوال الناس فانه سوف يتعب تعبا عظيما ويفوت على نفسه خيرا كثيرا مع انه لا يستفيد شيئا.
فانت اجعل دأبك دأب نفسك وهمك هم نفسك ، وانظر الى ما ينفعك فافعله والذى لا ينفعك اتركه وليس من حسن اسلامك ان تبحث على اشياء لا تهمك .
ولو اننا مشينا على هذا وصار الانسان دأبه دأب نفسه ولا ينظر الى غيره لحصل خيرا كثيرا.
اما بعض الناس تجده مشغولا بشؤون غيره فيما لا فائدة فيه ، فيضيع اوقاته ويشغل قلبه ويشتت فكره وتضيع عليه مصالح كثيرة.
وتجد الرجل الدؤوب الذى ليس له هم الا نفسه وما يعينه تجده ينتج ويثمر ويحصل ويكون فى راحة قلبيه وبدنيه .
ولذا يعد هذا الحديث من جوامع كلام النبي صلى الله عليه وسلم فاذا اردت شيئا فعلا او تركا انظر هل يهمك او لا ؟ .
ان كان لا يهمك اتركه ، واسترح منه ، وان كان يهمك فاشتغل به بحسبـــــه فعلى كل حال كل انسان عاقل كما جاء فى الحديث السابق: (( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت )) .فكل انسان عاقل يحرص ان يعمل لما بعد الموت ويحاسب نفسه على اعمالها ، والله الموفق
من كتاب رياض الصالحين شرح الشيخ العثيمين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بلادي وان جارت علي عزيزة واهلي وان قسوا علي اكرام
اخوكم هاني الصراف